يصح في هذا الرجل المبدأ القائل : درهم وقاية خير من
قنطار علاج . هذه العبارة هي بمثابة نصيحة منـّا لجميع المتعاملين مع رجل برج
العقرب بوجه عام وللمرأة بوجه خاص . من الخير لها أن تتسلح بدرع واق قبل محاولة
التعرض له من قريب أو بعيد لأن في
التعرض له خطر الانفجار أو الاحتراق المعنوي على الأقل .
من الصعب على أي ٍ كان تصديق مثل هذا الكلام في الوقت الذي يبدو فيه هذا الإنسان
على هذا النحو من الهدوء والسكينة . لكن شتان ما بين ما يظهره وبين ما يخفيه . إن
ما يظهر منه ليس سوى قناع مُزيّف يُقصد منه تضليل الآخرين أما ما يُخفيه فهو حقيقته
التي تتلخـّص بكلمة واحدة هي : الانفعال .
يعتقد البعض أن رجل برج العقرب
إنسان طيب أقرب إلى السذاجة , بينما يعتقد البعض الآخر أنه لئيم مُحب للغدر . وهو
في الواقع خلاف الحالين . إنه بالضبط إنسان مفطور على حدة الذكاء والإرادة
والانفعال في وقت واحد , أي أن قهره صعب مهما حاول البعض . وإذا بالغ أحد في
الإساءة إليه ردّ بالانفجار وبتحطيم كل ما حوله . أقوى ما في هذا الرجل القوي عيناه
الحادتان اللتان تستطيعان اختراق أعماق أي كان وبث جميع الأفكار والمشاعر التي
يريدها فيه . هذا الإنسان المتسلط القوي الإرادة يهدف إلى الحقيقة أينما كانت سواء
في الحياة أو الموت أو المرض أو الحب أو الدين , ولذلك يؤمن بالتعمق ويكره السطحية
إلى أقصى حد , وقد لا يوازي كرهه لها سوى كرهه للخسارة , فهو إن فقد شيئاً مهما كان
تافهاً أو قليلا ً يثور من الداخل إلى درجة الألم أو المرض دون أن يطرف له جفن .
الرجل – العقرب إما مُتديّن أو مُلحد أو عنده من الرياء المقصود ما يكفي
القيام بالدورين معاً . إن القوانين التي يسير عليها من صنعه دائماً . أهدافه واضحة
وكذلك سُبُل الوصول إليها . وهو في سبيلها لا يأبه للصعاب أو الأخطار أو حتى الموت
. هذا الرجل صعب في اختيار الأصدقاء لا لسبب سوى أنه ينشد أعلى المستويات في
علاقاته بالآخرين ولا يتورع أحياناً عن استعمال القسوة والأساليب السادية حتى مع
المرأة التي يحب . على الرغم من ذلك يغار عليها بشدة ويتألم إذا حاولت الانعتاق منه
ولكنه يكتم ألمه ويقابل أخطاءها بالعنف والتحدي ولو اضطر إلى تحكيم قلبه وسعادته .
مقابل ذلك غيرتها هي لا تزعجه على الإطلاق ولا تحول دونه والاهتمام بالنساء
الأخريات مع أنه قوي جداً تجاه الإطراء والغزل , ومن النادر إن لم يكن من المستحيل
أن يفقد السيطرة على نفسه في المواقف العاطفية .
من الطبيعي أن يكون الرجل
– العقرب أباً صارماً على الرغم من حبه الشديد لأولاده . فهو لا يسمح بأن يتجاوزوا
معه حدود الأدب والطاعة ولكنه يعلمهم في الوقت نفسه احترام الذات والاعتماد على
النفس . من الجائز أن يتألموا ضمناً بسبب برود مظهره , ولكنهم يُجلــّونه بكل تأكيد
ويثـقون بأقواله وأعماله ثـقة عمياء .
نعود إلى علاقة هذا الإنسان بزوجته
فنجد أنها تــقوم على أساس السيادة من جهته والطاعة من جهتها . ذلك هو المبدأ الذي
لا يحيد عنه في حياته العاطفية . وهي – أي زوجته – بقبولها ذلك المبدأ تحصل على
مميزات لا تـنالها أية امرأة أخرى في الحب . يكفي أن تعلم أن السعادة والرضى
تـُحوّلان زوجها من عقرب سام إلى نسر عظيم يُحلق في الأجواء لا وحده بل برفقتها
دائماً , وأن في استطاعته أن يُعرّفها إلى أسرار ومفاتن يجهلها جميع الذين
يفتـــقرون إلى معدنه وطينته العظيمتيــن